شغف الكلمات- رحلة كاتب بين الأمل والخوف والإلهام

المؤلف: سلطان السعد القحطاني08.27.2025
شغف الكلمات- رحلة كاتب بين الأمل والخوف والإلهام

منذ بواكير عمري، حالفني الحظ بأن انغمست في عالم الحروف والكلمات الساحر، رحلة باهرة وممتدة، زاخرة بالرهبة والبهجة. في الخامسة عشرة تقريباً، تجرّأت على اقتحام هذا العالم المسحور، عالم الكلمات والأحرف، فتحول الأمر إلى عشق أبدي، لا يمكن الفكاك منه أو التخلي عنه ببساطة.

كانت الشجرة فتية، لكنها نمت بوتيرة متسارعة، اكتسبت معارف جمة، وراكمت خبرات العمل التي صقلت التفكير ومنحتني حكمة متزايدة، ولعب الحظ دوراً محورياً وكبيراً في هذا المسار. وها أنا ذا، اعتدت على المضي قدماً على الرمال المتحركة، وفوق الجسور وتحتها، بإيمان راسخ بأن شمس الأمل ستشرق حتماً، مهما اشتد ظلام الليل وتراخت ستائره.

حظيت بفرص ثمينة سمحت لي بالمرور بكل التجارب التي يحتاجها الصحفي والكاتب: صحافة ورقية عريقة، ثم صحافة رقمية حديثة، ثم كلمات مسموعة، وصورة تلفزيونية نابضة بالحياة، ومدونات صوتية آسرة، ومجموعة من الكتب القيمة، التي أصبحت مصدر إلهام وبهجة دائمة، أتأملها في كل لحظة، تواقاً إلى الأفضل وطامحاً في المزيد. وظلت الكتابة بالنسبة لي رحلة استشفاء من كل ألوان الألم، ومنبع أمل لا ينضب في كل منعطف.

ومن حسن حظي أيضاً أن التقيت بكبار المهنة وروادها، في بدايات مسيرتي العملية، وكان هذا الاحتكاك يضفي وزناً وقيمة على الكلمة والفكرة والمحتوى، وتزداد كرة الثلج حجماً واتساعاً مع كل إضافة جديدة. تكتب وتتعلم، فتتغير زاوية النظر نحو العالم، وتتسع دائرة العبارة. ومع مرور الوقت، نما لدي شعور بالخوف المقدس، فكلما تعمقت في القراءة، ازداد خوفي من الإقدام على الكتابة.

وتتساءل على الرغم من مرور السنين: هل يستطيع الصحفي أن يعتزل محرابه، وهل يمكن للكاتب أن يتجاهل نداء الحروف؟ وتحاول عبثاً أن تفعل ذلك، لكنك تفشل في كل مرة، وتعود مراراً وتكراراً إلى بلاط صاحبة الجلالة، التي لا تزال شامخة رغم كل التحديات، وتعيد الكرة تلو الأخرى، وتنسج خيوط الكلمات والحروف، وتشعر بالارتياح والامتنان العميقين لأنك جزء لا يتجزأ من هذه الرحلة العظيمة، وهذا العالم المدهش.

لو سألني أحدهم عن سر الاستمرار والثبات في أي درب نسلكه، لأجبته ببساطة: الأمل المتجدد، والإيمان الراسخ بأن الغد يحمل بين طياته صفحة بيضاء جديدة، تستحق الانتظار والتأمل والكتابة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة